الجمعة، 26 مايو 2017

الإسلام دين اليسر والسماحة لا دين العنف والإرهاب..........

إن من نعم الله علينا وعلى الإنسانية إرسال نبينا محمدٍ صلي الله عليه وسلم بالحنيفية السمحاء رحمة للعالمين، وهذه الرحمة ذات صور من الود والتسامح والعفو والتناصح تضافرت نصوصها من القرآن والسنة، وتجسدت في تعامل المسلمين الأوائل مع المسلمين وغيرهم فقد اجتمعت الأقوال والأفعال فإذا بقاموس يشتمل على جميع مفردات السماحة يتحرك في شتّى نواحي الحياة. ومع هذا فإن بعض الناس الذين لا يعرفون حقيقة هذا الدين يظن أن الإسلام لا يعرف العفو والصفح والسماحة، وإنما جاء بالعنف والتطرف والسماجة، لأنهم لم يتحروا الحقائق من مصادرها الأصلية، وإنما اكتفوا بسماع الشائعات والافتراءات من أرباب الإلحاد والإفساد الذين عبدوا الشهوات ونهجوا مسلك الشبهات بما لديهم من أنواع وسائل الإعلام المتطورة، من أجل ذلك كان لا بد من بيان الحق ودمغ الباطل بالأدلة الساطعة والحقائق الناطقة من القرآن والسنة القولية والفعلية والتاريخ الأصيل.لذلك كان موضوعنا عن سماحة ويسر الإسلام ونبذ العنف والتشدد. ويتناول هذه العناصر الرئيسية التالية :ـ 1ـ مفهوم اليسر والسماحة . 2ـ الدين الإسلامي قائم علي اليسر والسماحة 3ـ من صور سماحة ويسر الإسلام . 4ـ منهج الإسلام في التعامل مع غير المسلمين . 5ـ شهادة التاريخ . 6ـ الفضل ما شهد به الأعداء .
1-مفهوم اليسر و السماحه- معنى اليسر: اللين والسهولة ، والانقياد ، ضد العسر . وهو: عمل لا يجهد النفس ولا يثقل الجسم ، أو بعبارة أخرى : هو عمل فيه يسر وسهولة وانقياد . ومعنى قوله – صلى الله عليه وسلم : إن هذا الدين يسر : قال ابن الأثير : ” اليسر ضد العسر ، أراد أنه سهل سمح قليل التشديد ” . وأما السماحة :ـ السمح : السهل ، والمسامحة : المساهلة .قال ابن فارس في مادة ” سمح ” السين والميم والحاء أصل يدل على سلاسة وسهولة و” الحنيفية السمحة ” : أي ليس فيها ضيق ولا شدة ؛ لكونها مبنية على السهولة . وهي : ” هي السهولة المحمودة فيما يظن الناس التشديد فيه . ومعنى كونها محمودة : أنها لا تفضي إلى ضرر أو فساد ” .
2-الدين الاسلامى قائم على اليسروالسماحه- لقد دعا الإسلام المسلمين إلى التحلي بخلق السَّمَاحَة، فإنَّ السَّمَاحَة من خلق الإسلام نفسه، فمن السَّمَاحَة عفو الله ومغفرته للمذنبين من عباده، وحلمه تبارك وتعالى على عباده، وتيسير الشريعة عليهم، وتخفيف التكاليف عنهم، ونهيهم عن الغلو في الدين، ونهيهم عن التشديد في الدين على عباد الله… – قال تعالى: (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185]. – وقال: مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة: 6]. – وقال سبحانه: يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا [النساء: 28]. – ونهى النَّبي عن التنطع والتَّشدد في الدين، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هلك المتنطعون). قالها ثلاثًا رواه مسلم . – ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم على من يشق على المسلمين فقال: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشقَّ عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم، فارفق به) رواه مسلم . ولقد كانت رسالة النبي صلي الله عليه وسلم رحمة للبشرية رفع الله بها عن الناس الأغلال والأصار ، فقال تبارك وتعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف:157]. فالدين الإسلامي يُسْرٌ في عقائده وأحكامه وفي أوامره ونواهيه ، فعقائده أصح العقائد وأصدقها وأنفعها ، وأخلاقه أحمد الأخلاق وأجملها وأطيبها ، وأعماله وأحكامه أحسن الأحكام وأعدلها وأقومها . ومن تأمَّل حُسن هذا الدين ونقاءه وصفاءه وبهاءه ويسره وسهولته ازداد تمسكاً به وتعظيماً له وقياماً بعقائده وأحكامه ؛ فقد ثبت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم: (ان الدين يسر:ولن يشاد احد الا غلبه؛فسدوا وقاربوا وابشروا؛واستعينوا بلغدوة والروحه وشىءمن الدلجه) رواه البخاري واللفظ له، ومسلم . معنى قوله (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ): أي ميسَّرٌ مسهَّلٌ في عقائده وأخلاقه وأعماله ، وفي أفعاله وتروكه ؛ فإن عقائده التي ترجع إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره هي العقائد الصحيحة التي تطمئن لها القلوب وتوصل معتقِدَها والمتمسِّك بها إلى أجلِّ غاية وأفضل مطلوب . وأخلاقه وأعماله أكمل الأخلاق وأصلح الأعمال ؛ بها صلاح الدين والدنيا والآخرة ، وبفواتها يفوت الصلاح كلُّه ، وهي كلها ميسرةٌ مسهَّلة ، كل مكلَّف يرى نفسه قادراً عليها لا تشق عليه ولا تكلفه ، عقائده صحيحةٌ بسيطة ، تقبلها العقول السليمة والفطر المستقيمة ، وفرائضه أسهل شيء يكون في الفرائض وأيسره ، فانظر إلي هذه الفرائض التي فرضها الله تعالي علي عباده تجد فيها اليسر والسماحة . فأما الصلوات الخمس :ـ فإنها تتكرر كلَّ يوم خمس مرات في أوقات مناسبة لها ، وتمَّم اللطيف الخبير سهولتها بإيجابها جماعة والاجتماع لها ، فإن الاجتماع في هذه العبادة من المنشطات والمسهلات لها ، ورتب عليها من خير الدين وصلاح الإيمان وثواب الله العاجل والآجل ما يوجب للمؤمن أن يستحليها ويحمد الله على فرضه لها على العباد ؛ إذ لا غنى لهم عنها وأما الزكاة :ـ فإنها لا تجب على فقير ليس عنده نصاب زكوي ، وإنما تجب على الأغنياء تتميماً لدينهم وإسلامهم، وتنميةً لأموالهم وأخلاقهم ، ودفعاً للآفات عنهم وعن أموالهم ، وتطهيراً لهم من السيئات ، مواساةً لمحاويجهم وفقرائهم ، وقياماً لمصالحهم الكلية ، وهي مع ذلك جزء يسير جداً بالنسبة إلى ما أعطاهم الله من المال والرزق . وأما الصيام :ـ فإن المفروض شهر واحد من كل عام ، يجتمع فيه المسلمون كلهم فيتركون فيه شهواتهم الأصلية من طعام وشراب ونكاح في النهار ، ويعوِّضهم الله عن ذلك من فضله وإحسانه تتميم دينهم وإيمانهم ، وزيادة كمالهم وأجره العظيم وبرِّه العميم ، وغير ذلك مما رتبه على الصيام من الخير الكثير ويكون سبباً لحصول التقوى التي ترجع إلى فعل الخيرات كلها وترك المنكرات . وأما الحج : ـ فإن الله لم يفرضه إلا على المستطيع وفي العمر مرة واحدة ، وفيه من المنافع الكثيرة الدينية والدنيوية ما لا يمكن تعداده ، كما قال الله تعالى {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ } [الحج:28] أي دينية ودنيوية . وهكذا بقية شرائع الإسلام كلها سهلة ميسَّرة ، وهي راجعةٌ إلى أداء حقِّ الله وحقِّ عباده ، وليس فيها أي مشقة أو حرج على المكلَّفين ، يقول الله تعالى : {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة:6] . مشروعية الرخص :ـ الرخص نمط من التشريع يدل قطعاً على رفع الحرج والمشقة، ولو كان الشارع قاصداً للمشقة في التكليف لما كان ثم ترخيص ولا تخفيف، والرخص كثيرة جداً، منها: قصر الصلاة في السفر، والمسح على الجوربين أو الخفين، والتيمم في حال فقدان الماء وعند تعذر استعماله لمرض وغيره، والفطر في الصيام للمريض أو للمسافر أو غير ذلك، وصلاة الإنسان وهو مريض جالساً أو حسب ما يستطيع، إلى غير ذلك. ولقد حث الشرع في الأخذ بهذه الرخص، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) إذاً الشرع لا يقصد بهذه التكاليف الشرعية أن يعنفنا وأن يوقعنا في الحرج وفي المشقة. وقد أجمع العلماء على عدم وقوع الحرج في التكليف، وهذا يدل على عدم قصد الشارع له، وهذا متقرر باستقراء آحاد الأحكام.
ومن صورسماحة الاسلام- السماحة واليسر في العبادة :ـ جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ‏يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ ‏فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ ‏تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ ‏‏ ‏قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟!! قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا؛ فَجَاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ ‏ ‏إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: ‏”أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ: كَذَا وَكَذَا، أَمَا والله إِنِّي ‏لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ؛ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي” (رواه البخاري، ومسلم ،والنسائي ، وأحمد..). ورأى النبي صلى الله عليه وسلم حبلاً ممدودًا بين ساريتين فسأل عنه، فأخبر أنه لزينب تتمسك به إذا كسلت عن الصلاة، فأمر صلى الله عليه وسلم بإزالته وقال: (لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ) (متفق عليه) وحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (يَا عَبْدَ الله، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟) قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله. قَالَ: (فَلاَ تَفْعَلْ؛ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) ( متفق عليه ). السماحة واليسر في التعليم :ـ إن أساس الدعوة هو القول الليّن حتى لو كان المدعو من أعتَى الخلق، وهذا يتبين من قول الله تعالى لموسى وهارون (عليها السلام) لَمَّا أرسلهما إلى فرعون: (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أوْ يَخْشَى) (طه44). يقول ابن كثير بعد عرض أقوال المفسرين: والحاصل من أقوالهم أن دعوتهما له تكون بكلام رقيق سهل رفيق، ليكون أوقع في النفوس وأبلَغ وأنجَع. يقول تعالى مُرشداً لنبيه (صلى الله عليه وسلم): (إنَّ رَبَّكَ هُوَ أعْلَمُ بَمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أعْلَمُ بِالمُهْتَدين) (النحل 125). ويتجلّى هذا المنهج السليم في الدعوة إلى الله بالحكمة أولاً والموعظة الحسنة ثانياً. والجدال بالتي هي أحسن ثالثاً. وما وصف الموعظة والجدل بالإحسان إلا من باب تأكيد معنى السماحة في الدعوة وعدم اتخاذ العنف وسيلة لها. دخلَ أعرابِيٌّ المسجِدَ ، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جالِسٌ ، فصلَّى ، فلما فرغَ قال : اللهمَّ ارحمني ومحمدًا ، ولَا ترحمْ معنا أحدًا ، فالتفَتَ إليهِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال : لقدْ تَحَجَّرْتَ واسعًا ، فلم يلبثْ أنْ بالَ فِي المسجدِ ، فأسرعَ إليه الناسُ ، فقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : أهْريقوا عليْهِ سَجْلًا مِنْ ماءٍ ، أوْ دلْوًا مِنْ ماءٍ ، ثُمَّ قال : إِنَّما بُعِثْتُم مُيَسِّرينَ ولَمْ تُبْعَثوا مُعَسِّريْنَ ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح. وصدق سيدي رسول الله صلي الله عليه وسلم حين قال :عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لم يبعثني معنفاً ولا متعنفاً، ولكن بعثني معلماً ميسراً) صحيح الجامع . السماحة واليسر في الأحكام :ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال { بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل . فقال : يا رسول الله ، هلكت . قال : ما أهلكك ؟ قال : وقعت على امرأتي ، وأنا صائم – وفي رواية : أصبت أهلي في رمضان – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا . قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا . قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا . قال : فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر – والعرق : المكتل – قال : أين السائل ؟ قال : أنا . قال : خذ هذا ، فتصدق به . فقال الرجل : على أفقر مني : يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها – يريد الحرتين – أهل بيت أفقر من أهل بيتي . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه . ثم قال : أطعمه أهلك } . رواه البخاري . السماحة واليسر في البيع والشراء :ـ وعن جابر رضى الله عنه رسول الله صلى الله علية وسلم قال:(رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى )رواه البخاري. (إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى) أي طلب قضاء حقه بسهولة والمراد بالسماحة ترك المضاجرة ونحوهما لا المماكسة في ذلك .
منهج الاسلام مع غير المسلم- 1ـ حرية الإعتقاد : لقد كفل الإسلام الحرية لكل فرد؛ فلا إكراه في الدخول في الإسلام إلا بعد القناعة التامة بهدايته؛ حيث قال تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾ [البقرة: 256]، فدين الإسلام بيّن واضح جلي، دلائله وبراهينه لا يحتاج إلى أن يكره أحدًا على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره، فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورًا. 2 ـ عدم التعرض لهم بأي أذي :ـ لقد حرّم الإسلام التعرض بالأذى بالقول والفعل لكل معاهد أو مستأمن دخل ديار الإسلام؛ ووعد وأغلظ في العقوبة لمن تعرض لهم بالأذى؛ فقد روى البخاري في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ) مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا (. 3 ـ الإحسان إليهم :ـ أمر بالإحسان إلى غير المسلمين الذين لم يعرف لهم أذية للمسلمين ولا قتالهم؛ كما قال تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8]، بل فوق ذلك أمر بصلتهم والإنفاق عليهم، فقد روى البخاري في صحيحه عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَتْ: ) قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ (. وأوجب على المسلمين سلوك العدل في التعامل مع غيرهم؛ ولم يجعل عدم دخولهم في الإسلام سببًا في ظلمهم أو خيانتهم، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ (المائدة: 8) . وأكثر من ذلك أن الإسلام ضمن لغير المسلمين في ظل دولته، كفالة المعيشة الملائمة لهم ولمن يعولونه، لأنهم رعية للدولة المسلمة وهي مسئولة عن كل رعاياها، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته” . (متفق عليه) ، وهذا ما مضت به سُنَّة الراشدين ومَن بعدهم. ففي عقد الذمة الذي كتبه خالد بن الوليد لأهل الحيرة بالعراق، وكانوا من النصارى: “وجعلت لهم، أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيًّا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته وعِيل من بيت مال المسلمين هو وعياله” . . وكان هذا في عهد أبي بكر الصِّدِّيق، وبحضرة عدد كبير من الصحابة، وقد كتب خالد به إلى الصِّدِّيق ولم ينكر عليه أحد، ومثل هذا يُعَد إجماعًا. ورأى عمر بن الخطاب شيخًا يهوديًا يسأل الناس، فسأله عن ذلك، فعرف أن الشيخوخة والحاجة ألجأتاه إلى ذلك، فأخذه وذهب به إلى خازن بيت مال المسلمين، وأمره أن يفرض له ولأمثاله من بيت المال ما يكفيهم ويصلح شأنهم، وقال في ذلك: ما أنصفناه إذ أخذنا منه الجزية شابًا، ثم نخذله عند الهرم! 4ـ الحفاظ علي دور العبادة :ـ لقد صان الإسلام لغير المسلمين معابدهم ورعى حرمة شعائرهم، بل جعل القرآن من أسباب الإذن في القتال حماية حرية العبادة، وذلك في قوله تعالى: (أُذِن للذين يقاتلون بأنهم ظُلموا، وإن الله على نصرهم لقدير * الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا). (الحج: 39 – 40) وقد رأينا كيف اشتمل عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى أهل نجران، أن لهم جوار الله وذمة رسوله على أموالهم وملَّتهم وبِيَعهم. وفي عهد عمر بن الخطاب إلى أهل إيلياء (القدس) نص على حُريتهم الدينية، وحرمة معابدهم وشعائرهم: “هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان: أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم وسائر ملَّتها، لا تُسكن كنائسهم، ولا تُهدم ولا ينتقص منها، ولا من حيزها، ولا من صليبها، ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يُضار أحد منهم. ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود . . ” كما رواه الطبري . وفي عهد خالد بن الوليد لأهل عانات: “ولهم أن يضربوا نواقيسهم في أي ساعة شاءوا من ليل أو نهار، إلا في أوقات الصلاة، وأن يخرجوا الصلبان في أيام عيدهم” . وكل ما يطلبه الإسلام من غير المسلمين أن يراعوا مشاعر المسلمين، وحُرمة دينهم، فلا يظهروا شعائرهم وصلبانهم في الأمصار الإسلامية، ولا يحدثوا كنيسة في مدينة إسلامية لم يكن لهم فيها كنيسة من قبل، وذلك لما في الإظهار والإحداث من تحدي الشعور الإسلامي مما قد يؤدي إلى فتنة واضطراب. كذلك حرم التعرض لدور العبادة التي يتعبد فيها غير المسلمين عند نشوب حرب بين المسلمين وغيرهم، بل وحرم قتل من لم يشارك في تلك الحرب من النساء والأطفال؛ فقد روى مسلم في صحيحه عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا (. وكان من وصايا أبي بكر الصديق – رضي الله عنه- لأمرائه على الحرب قوله: (وستمرون على قوم في صوامع لهم احتبسوا أنفسهم فيها، فدعهم حتى يميتهم الله فيها على ضلالتهم، يا يزيد: لا تقتل صبيا ولا امرأة ولا صغيرا، ولا تخربن عامرا، ولا تعقرن شجرا مثمرا، ولا دابة عجماء، ولا بقرة ولا شاة إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلا ولا تغرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن) العنصر الخامس شهادة التاريخ :ـ والتاريخ خير شاهد علي سماحة ويسر الإسلام مع غيره ، وقبل أن نذكر سماحة الإسلام مع غيره لا بد أن نري .. كيف تعامل غير المسلمين مع المسلمين …. اقرؤوا التاريخ إذ فيه العبر…. ضل قوم ليس يدرون الخبر هل سمعتم ماحدث في الأندولس هذه الحضارة العظيمة عندما سقطت الأندلس بعد قرون من البناء والتقدم والازدهار وإشاعة العدل والتسامح مع جميع السكان من ذوي الأديان المختلفة كانت إبادة المسلمين في الأندلس وصمة عار أخرى على النصارى الصليبيين رغم السماحة التي عومل فيها النصارى من أهل أسبانيا طوال قرون خلت، إذ سمح المسلمون لهم أن يحتفظوا بشرائعهم وقضاتهم، وعُيّن لهم حكام للأقاليم من أنفسهم، فتأمل في هذه المعاملة وبين ما فعله النصارى بمسلمي الأندلس حيث وصف الحال الشاعر أبو البقاء الرندي هذه المأساة في قصيدته المشهورة حيث يقول فيها:
تبكي الحنيفيـة البيضـاء من أسف كما بكى لفراق الإلف هيمـان حيث المساجد قد صارت كنائس ما فيهـن إلا نواقيـس وصلبـان حتى المحاريب تبكي وهي جامـدة حتى المنابر ترثي وهي عيدان لمثل هـذا يـذوب القلب من كمـد إن كان في القلب إسلام وإيمان
واسمع معي شهود عيان منهم وهم يصفون ما حدث منهم مع المسلمين … ذكر المؤرخ الصليبي ميشو أن المسلمين كانوا يُذْبَحُون ذبح النعام في الشوارع والمنازل، وأنهم لم يجدوا مكانًا آمنًا يَلُوذون به. وذكر المؤرخ النصراني وِلْيَم الصوري أن بيتَ المقدس أصبح مخاضة واسعة من دماء المسلمين، أثارت خوف الغُزاة واشْمِئْزازهم، وأنه لم يكن من الممكن النظر إلى تلك الأعداد الضخمة من القتلى دون الإحساس بالرعب، ففي كل مكان ترى بقايا جثث القتلى مقطوعي الرؤوس والأيدي، وكانت الأرضُ مغطاةً بدماء القتلى. ونقل المؤرخ الغربي النصراني ديورانت عمن حضروا تلك المذابح وشاركوا فيها قولهم: “إنَّ النساء كن يُقتلن طعنًا بالسيوف والحراب، والأطفال الرضع يختطفون بأرجلهم من أثداء أمهاتهم، ويُقذف بهم من فوق الأسوار، أو تُهَشَّم رؤوسهم بدقها بالعمد”. وذكر صاحب كتاب “أعمال الفرنجة”: “أن جثث قتلى المسلمين وُضعت في أكوامٍ حتى حاذتِ البُيُوتَ ارتفاعًا”. وقد اختصر الصليبيّون وصف هذه المذابح العظيمة في الرسالة التي أرسلوها إلى البابا يخبرونه بما فعلوا قائلين: “إذا ما أردت أن تعلمَ ما جرى لأعدائنا الذين وجدناهم بالمدينة، فثِقْ أنَّه في إيوان سليمان أو معبده كانت خيولنا تخوض في بحر من دماء الشرقيين المتدفّقة إلى ركبتيها”. ولا أظن أن أحداً نسي ما حصل من مذابح في تل الزعتر وصبرا وشاتيلا وجنين وباقي المخيمات الفلسطينية. وما مذبحة المسجد الإبراهيمي عنا ببعيد فقد حصد المجرمون عشرات المصلين وهم ركع سجود في شهر رمضان المبارك من عام 1414هـ. وانظر أخي المسلم رغم كل ما حدث من الصليبيين تجاه المسلمين كيف تعامل معهم صلاح الدين :ـ ومع ما فعله الصليبيون في القدس فاننا نرى رحمة الإسلام ومسامحته حتى مع هؤلاء االصليبيين، فقد وصف المؤرخون ما حدث في اليوم الذي دخل فيه صلاح الدين الأيوبي رضي الله عنه إلى القدس فاتحـا : لم ينتقم أو يقتل أو يذبح بل اشتهر المسلمون الظافرون في الواقع بالاستقـامة والإنسانية . فبينـما كان الصليبيون منذ ثمان وثمانين سنة يخوضـون في دماء ضحاياهم المسـلمين،لم تتعرض أي دار من دور بيت المقدس للنهب، ولم يحل بأحد من الأشخاص مكروه ؛ اذ صار رجال الشرطة يطوفون بالشوارع والأبواب – تنفيذا لأمر صلاح الدين – لمنع كل اعتداء يحتمل وقوعه على المسيحيين : وقد تأثر الملك العادل لمنظر بؤس الأسرى فطلب من أخيه صلاح الدين إطلاق سراح ألف أسير، فوهبهم له، فأطلق العادل سراحهم على الفور، وأعلن صلاح الدين أنه سوف يطلق سراح كل شيخ وكل امرأة عجوز . وأقبل نساء الصليبيين وقد امتلأت عيونهن بالدموع فسألن صلاح الدين أين يكون مصـيرهن بعد أن لقي أزواجهن أو آباؤهن مصرعهم، أو وقعوا في الأسر، فأجاب صلاح الدين بأن وعد بإطلاق سراح كل من في الأسر من أزواجهن، وبذل للأرامل واليتامى من خزانته العطايا – كل بحسب حالته – فكانت رحمته وعطفه نقيض أفعال الصليبيين الغزاة. أما بالنسبة لرجال الكنيسة أنفسهم – وعلى رأسهم بطـريرك بيت المقدس – فإنهـم لم يهتـموا إلا بأنفسهم، وقد ذهل المسلمون حينما رأوا البطريرك هرقل وهو يؤدي عشرة دنانير( مقدار الفدية المطلوبة منه) ويغادر المدينة، وقد انحنت قامته لثقل ما يحمله من الذهب، وقد تبعته عربات تحمل ما بحـوزته من الأموال والجواهر والأواني النفيسة . لماذا لا تنتقم من أعدائك؟! بينما كان صلاح الدين سائرًا ذات يوم في بعض طرق مدينة بيت المقدس قابله شيخ من النصارى كبير السن، يعلِّق صليبًا ذهبيًّا في رقبته، وقال له: أيها القائد العظيم، لقد كُتِبَ لك النصرُ على أعدائك، فلماذا لم تنتقم منهم، وتفعل معهم مثل ما فعلوا معك؟ فقد قتلوا نساءكم وأطفالكم وشيوخكم عندما غزَوْا بيت المقدس؟ فقال له صلاح الدين: أيها الشيخ، يمنعني من ذلك ديني الذي يأمرني بالرحمة بالضعفاء، ويُحَرِّم عليَّ قتل الأطفال والشيوخ والنساء. فقال له الشيخ: وهل دينكم يمنعكم من الانتقام من قوم أذاقوكم سوء العذاب؟ فأجابه صلاح الدين: نعم، إن ديننا يأمرنا بالعفو والإحسان، وأن نقابل السيئة بالحسنة، وأن نكون أوفياء بعهودنا، وأن نصفح عند المقدرة عمَّن أذنب. فقال الشيخ: نِعْمَ الدين دينكم، وإني أحمد الله على أن هداني في أيامي الأخيرة إلى الدين الحقِّ. ثم سأل: وماذا يفعل مَن يُريد الدخول في دينكم؟ فأجابه صلاح الدين: يُؤمن بأن الله واحد لا شريك له، وأن محمدًا صلي الله عليه وسلم عبده ورسوله، ويفعل ما أمر الله به، ويبتعد عما نهى الله عنه. وأسلم الرجل وحَسُن إسلامه، وأسلم معه كثير من أبناء قومه.
فضل ما شهدت به الاعداء-(شهد الأنام بفضله حتى العدى والفضل ما شهدت به الأعداء) ومما يؤكد سماحة الإسلام تلك الشهادات التي نطق بها غير المسلمين وأدوها من غير إكراه؛ وإنما هو منهم إنصاف للحقيقة؛ لما رأوه في الإسلام من عدل وتسامح لا مثيل له. فمن ذلك يقول الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا: “إن الإسلام يمكن أن يعلمنا طريقة للتفاهم والعيش في العالم، الأمر الذي فقدته المسيحية، فالإسلام يرفض الفصل بين الإنسان والطبيعة، والدين والعلم، والعقل والمادة”. ويقول غوستاف لوبون: فالحق أن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب، ولا دينًا سمحًا مثل دينهم. ويبين الشاعر غوته ملامح هذا التسامح في كتابه (أخلاق المسلمين) فيقول: “للحق أقول: إن تسامح المسلم ليس من ضعف، ولكن المسلم يتسامح مع اعتزازه بدينه، وتمسكه بعقيدته”.ويقول الفيلسوف جورج برناردشو “الإسلام هو الدين الذي نجد فيه حسنات الأديان كلها، ولا نجد في الأديان حسناته! ولقد كان الإسلام موضع تقديري السامي دائمًا، لأنه الدين الوحيد الذي له ملكة هضم أطوار الحياة المختلفة، والذي يملك القدرة على جذب القلوب عبر العصور، وقد برهن الإسلام من ساعاته الأولى على أنه دين الأجناس جميعًا؛ إذ ضم سلمان الفارسي، وبلالًا الحبشي، وصهيبًا الرومي، فانصهر الجميع في بوتقة واحدة”. وبعد هذه النصوص الشرعية الإسلامية؛ والشهادات التي من غير المسلمين؛ هل يصح لأحد أن يقول أن الدين الإسلامي دين إقصائي؛ أو أنه دين يدعو إلى التطرف، أو أنه يزرع الكراهية في نفوس أتباعه؛ فما تلك الادعاءات إلا زورًا وكذبًا وبهتانًا على الدين العظيم الذي ارتضاه الله -عز وجل- للبشرية جمعاء. الخاتمة :ـ أيها المسلمون :ـ هذا هو الدين العظيم الذي شهد الله العظيم بصحته وكماله ، وشهد بذلك الكُمَّل من الخلق : {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ } (آل عمران:18-19) وهو الدين الذي من اتصف به جمَعَ الله له جمال الظاهر والباطن ، وكمال الأخلاق والأعمال {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} (النساء:125)، فلا أحد أحسن من هذا الذي انصبغ قلبه بالإخلاص والتوحيد، واستقامت أخلاقه وأعماله على الهداية والتسديد . وهو الدين الذي أصلح الله به العقائد والأخلاق ، وأصلح به الحياة الدنيا والآخرة ، وألَّف به القلوب المشتَّـتة والأهواء المتفرقة ، فخلصها من براثين الباطل ودلَّها إلى الحق وهداها إلى سواء الصراط . إن الواجب علينا نحن المسلمين أن نحمد الله على هذه النعمة العظمى والمنة الجسيمة ، وأن نستشعر فضل الله علينا بها قال تعالي { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (الحجرات:17)، وأن نقوم بحق هذه النعمة كما ينبغي ، وذلك بالتزود من علوم هذا الدين والتعرف على عقائده وأحكامه وآدابه ، مع التمسك الصادق والاستسلام الكامل ، وإقامة الوجه للدين القيم الحنيف بلا غلوٍّ ولا شطط ، وبلا إفراط أو تفريط ، وأن نطلب العون في تحقيق ذلك وتكميله من الله وحده ؛ فهو المستعان .
انتهت بفضل الله تعالي

مواضيع ذات صلة

الإسلام دين اليسر والسماحة لا دين العنف والإرهاب..........
4/ 5
بواسطة

إشترك بنشرتنا البريدية

إشترك معنا عبر بريدك الإلكتروني للحصول على اخر اخبارنا و مواضيعنا.